-->
المحترف تريند المحترف تريند
random

آخر الأخبار

random
random
جاري التحميل ...
random

دروس من الهجرة الشريفة

إن من أعظم المقاصد من الهجرة النبوية الشريفة أن تعود نفسك أن تهجر كل ما نهاك ربك عنه ، فان فعلت فأنت بذلك مهاجر الى الله.



   سؤال ظل يدور فى ذهنى منذ صغرى مراراً كلما سمعت أحد الأئمة يتكلم عن الهجرة النبوية الشريفة، كنت أفكر وأدور بخاطرى حيال هذا السؤال وانتظر أن أسمع إجابته من خطيب المسجد أو من المحاضر الذى يُلقى الدرس ولكن لا أجد ذكر السؤال أو الاجابة عنه فى طيات الصفحات التى تلقى على مسمعى.

       أما عن السؤال الذى كان يحيرنى فهو !

    لماذا لم يأمر المولى تبارك وتعالى البُراق أن يكون دابته  صلى الله عليه وسلم فى رحلة الهجرة الشريفة ؟
لماذا كل هذا العناء فى الرحلة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه ومن كانوا فى خدمتهم طوال هذه الرحلة؟
أليس هذا البراق الذى خلقه المولى تبارك وتعالى لرسوله ليكون دابته فى التنقل فى رحلة الاسراء والمعراج !؟

ولكن مع مرور الوقت علمت الاجابة التى ينبغى على أئمتنا وعلمائنا ومشايخنا أن يتناولوها فى خطبهم ودروسهم ويعلموها للناس لا أنكر أنه لا يوجد من قال هذه الاجابة  ووضحها كثيراً فالخير فى أمة الحبيب المصطفى إلى يوم القيامة ، ولكنى
أتمنى أن تكون دروس الهجرة وخُطبها وتناول موضوعاتها تحمل المعانى المتأصلة العلمية والعملية لهذا الحدث العظيم.

   فالهجرة منهج حياة لنا أحبتى الكرام لابد لنا وأن نعلم ونتعلم منه المقصود الالهى والتعليم النبوى لنا ، وما وجه الاستفادة لنا أمة الاسلام والمسلمين والتى لا تنتهى ولا يمكن أن ينتهى مداها أو أن تحصرها الأقلام والمجلدات.

أليس هو الرسول الخاتم القدوة لنا فى حياتنا ....

فكان لابد أن تكون هجرته بهذه الطريقة الشاقة لنتعلم أن من يقصد الطريق الى الله فلن يجده مفروشاً بالورود لكى يصل الى مبتغاه وهو جنة عرضها السموات والارض.

هذه الهجرة التى انتهت لرسول الله ولصحابته الكرام الذين هاجروا معه لم تنتهى لنا !! نعم أحبتى الكرام هجرتى وهجرتك لم تنتهى ولن تنتهى الى بموتى وموتك.

    الهجرة  أحبتى الكرام مستمرة  طالما لم تطلع الشمس من مغربها كما أخبرنا الصادق الذى لا ينطق عن الهوى حيث قال المصطفى  صلى الله عليه وسلم : ( لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ) وقال  أيضاً صلوات ربى وتسليماته عليه : (لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار)
الشاهد هنا أحبتى أنه طالما أنت مازلت على قيد الحياة فأنت مهاجر الى ربك أنت مهاجر الى الله
نعم أحبابى الكرام.

فأنت عندما تهجر ذنوبك إلى طاعة الله أنت بذلك تهاجر الى الله ، أنت تهاجر من صحبة السوء الى الصحبة الصالحة ، أنت تهجر أرض السوء الى أرض الصلاح ، أنت تهجر عملك المشبوه الى عمل تأكل منه الرزق الحلال ، أنت عندما تهجر اصرارك على ذنب معين وتتوب منه أنت بذلك مهاجر الى الله.

وهذا أحبتى الكرام من أصل الايمان بالله سبحانه وتعالى.
 فقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم "أي الإيمان أفضل ؟ قال : (الهجرة) قال : وما الهجرة ؟ قال : (أن تهجر السوء...).
 وقال عليه الصلاة والسلام أيضاً : (والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه).


ولكن يقول قائل ولكن هذه الهجرات صعبة على النفس  فأرجع وأقول لك أخى الفاضل وأختى الفاضلة ارجعوا الى أول المقال واقرؤا السؤال الذى كنت أطرحه فهذه هى اجابته.

النبى صلى الله عليه وسلم أمره ربه بالهجره وبهذه المشقة - التى لا يسعنى المقال للحديث عنها - ولم يجعل البراق دابته للهجرة فى لمح البصر ليعلمك أنك ستجد مشقة فى هجرك لطريق الشيطان والشهوات والشبهات ؛ ولكن باصرارك ووضوح عقيدتك أمام عينك وفى قلبك وعقلك لم ولن تزعزعك الصعوبات التى ستواجهك لتهجر  كل ما حرم الله عليك وتهاجر الى كل ما أحل الله لك وتهاجر الى اتباع حبيبك المصطفى واتباع سنته.

واياك أن يمر عمرك امام عينيك وتسوف هجرتك لله وتقول انك مازلت صغيرا أو لازلت شاباً سأتوب لله عندما اكبر
وما ادراك أن يطول بك العمر لتتوب.

ولا تكن ممن تمر عليه أعواماً من عمره سدى ولايهمه أن يحاسب نفسه أو يقف مع نفسه أتعود هذه الايام أم هى فى ميزان حسناتى أم سيئاتى.

إياك أن تكون كالرجل الذى جلس على شاطئ البحر فى هذا اليوم المظلم وأخذ يُلقى بالحجارة فى البحر وهو مستمتع بارتطام الحجارة بالمياه وإذا به يتحسس كيساً يُخَيل إليه أنه كيسا مملؤء بالحجارة فيكمل إلقاؤه إياها فى المياه مستمتعاً بمدى قوة يده فى إبعادها قدر استطاعته.
حتى اذا لم يعد فى الكيس إلا حجراً واحداً يمسكه وينظر اليه بتمعن فاذا بهذا الحجر جوهرة ثمينة ويتبين له أن هذا الكيس كان مملوءاً بالجواهر فيندم ندماً شديداً  ولكن ماذا ينفع الندم.

    هذه القصة طالما تتكرر معى ومعك وللأسف لم نكتشف الى الان أننا نرمى الجواهر الثمينة فى دنيا الضياع.
نعم أحبتى الكرام فهذه الحجارة الثمينة هى أيام عمرنا وكل يوم يمر من أيامها هو جوهرة ثمينة
وهذا الاستمتاع بالارتطام هو الغفلة بملذات الدنيا الزائلة والقليل وقتها  كما قال تعالى: ( قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخرةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً )

    أعزم من الآن بصدق وبتجديد التوبة مع الله على أن تهاجر لله وتأمل قول الله لك :  {وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}(100) سورة النساء

    وأخيرا أحب أن أوصى نفسى وأوصيكم بأنه لابد لنا أن نحرص على أن نجدد هجرتنا لله ، كلٌ منا يعرف ما يحتاج إليه ليتقرب إلى ربه سبحانه. وما وجه التقصير من جانبه. وما هوالذنب الذى يصر عليه ويصعب عليه تركه فهذا ما تحتاج بالبدء بهجرانه
بصدق نية بينك وبين ربك.

وأعلم أن من يصدق مع الله يصدقه الله ويعينه على ما ينوى فعله.
فلنجدد نوايانا ونعزم عزماً اكيداً على أن يكون لنا هجرات لله سبحانه وتعالى.
كلنا أحبتى طلاب لجنة عرضها السموات والارض
من منا لا يريد أن يدخل الجنة.
طالما أننا طلاب جنه الرحمن فلا نطلبها ونفرط فيما أمرنا الله به  وأمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
جعلنى الله وإياكم من المهاجرين اليه بكل طاعة
وكتبنا من ساكنى الفردوس الأعلى من الجنة
اللهم آمين.
 وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

المحترف تريند

2018


تطوير

ahmed shapaan